لعل من الأخطار الكبيرة التي تواجه المجتمع، ظاهرة الإدمان، خاصة عندما تهدد تلك الظاهرة المجتمع من جذوره ونواته الأصلية، وهي الأسرة، حيث تشير الإحصائيات المختلفة في السنوات الأخيرة خاصة في المجتمعات العربية تعرض الأسر إلى العديد من المظاهر المختلفة، التي تشكل فيها ظاهرة الإدمان، الجانب الاساسي والاقوى فيها، خاصة عندما يتعلق الأمر بإدمان رب الاسرة والعائل الوحيد فيها، إدمان المخدرات، مما يعني كارثة تحل على تلك الاسرة، وليس هذا فحسب، تبدأ الأمراض الاجتماعية شديدة الخطورة في الظهور جراء ذلك
وفي هذا المقال نحاول تسليط الضوء على الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة، حيث نتناول في عدة نقاط تفصيلية خلال السطور القليلة القادمة، خطوة إدمان الاب على الأبناء في العديد من الجوانب، وخطورته على الزوجة، وحالات الطلاق والانفصال الأسري، وما يسببه من مشاكل ونتائج خطيرة، وأثر الإدمان على الأسرة من الجوانب التعليمية والمادية والصحية وغيرها من الجوانب، كما نتناول في هذا المقال العلاج المناسب في حالة إدمان الأب على شكل نصائح يجب إتباعها لعلها تكون منقذاً لبعض الأسر في مواجهة هذا الخطر الداهم
الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة.. الأبناء الضحية الأولى
في تلك النقطة نحاول تسليط الضوء على الآثار الخطيرة على الأبناء، جراء إدمان الأب وهو العائل الوحيد مادياً ومعنوياً ومصدر الأمان لهؤلاء الأبناء، لذلك يعتبر الأبناء هم الضحية الأولى والأهم الناتجة عن إدمان الأب، والتي نحاول ان نعرضها خلال النقاط التالية، والتي تعتبر نتائج في غاية الخطورة وكلها تتعلق بالأبناء في المقام الأول، لكن قبل سرد تلك النقاط علينا أن نؤكد أن تلك الحالات غير مثالية وغير ثابتة، فهناك حالات تختلف في العديد من التفاصيل، إلا أنه في نفس الوقت النتيجة النهائية هو تعرض الأبناء إلى المخاطر
– وقوع الابناء في الإدمان: وهذه من أولى النتائج الخطيرة التي تظهر بسبب إدمان الأب، وذلك بسبب عدم وجود المراقبة الضرورية من الأب على الأبناء، لأنه هو نفسه يحتاج إلى إنقاذ من هذا الإدمان، فبالتالي لن ينتبه إلا بعد فوات الاوان، او بعد وقوع أحد الأبناء هو الآخر في طريق الإدمان، وهذا من ناحية إنعدام المراقبة، أما العامل الثاني الحاسم في إدمان الأبناء هو في حالة وجود المخدرات أو المواد الكحولية في المنزل، ففي تلك الحالة يزداد الخطر حيث تتواجد المواد المخدرة المحفزة للتجربة أمام الأبناء في أوقات كثيرة، فربما دفعهم ذلك إلى تجربة هذا الأمر الذين يرون الاب مدمناً عليه، وهذا في حالة إدمان الأب في المنزل، حتى لو كان يمارس التعاطي بعيداً عن أعين الأبناء، فهذا لا يعني ان الخطر بعيداً عنهم بالضرورة
تابع الأبناء الضحية الأولى
– تعرض الابناء إلى العنف: من المعروف أن المواد المخدرة من نتائجها هو تغييب العقل كليا، وعدم التحكم في المشاعر الخاصة بالإنسان، مما يعرضه لأذى نفسه في المقام الأول، وأذى غيره في المقام الثاني، وهذا ما يعرض الأبناء إلى عدة مخاطر منها تعرض هؤلاء الأبناء إلى العنف من الآباء، حيث يقوم بعض الآباء المدمنين بضرب وسب وشتم الأبناء في حالة تغييب العقل كلياً أثناء تأثير المخدر على المخ والجهاز العصبي، كما يقوم بعض الآباء بما هو أخطر وهو محاولة قتل الأبناء او التخلص منهم، او إغتصاب الفتيات من الابناء وهذه في بعض الحالات الخطيرة.
وهذه الامثلة الخطيرة التي ذكرت سابقاً ليست من ضرب الخيال، بل ذكرتها الصحف والقنوات التلفزيونية في بعض الدول، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعرض فتاة سعودية في العاشرة من عمرة إلى الإغتصاب مرارا وتكرارا، وذلك في عام 2006 م وقامت الشرطة بالقبض على الأب ومحاكمته، وهذا الخبر نشر في موقع العربية نت
– تعرض الأبناء إلى الأمراض النفسية المتعددة: من المعروف أن من نتائج المخدرات الخطيرة على المدمن هو تعرضه إلى الإكتئاب والامراض النفسية المتعددة والتي تحتاج إلى تدخل من الأطباء، فهذا في حالة المدمن، فما بالنا بحالة الأبناء الذين يرون الأفعال غير الطبيعية للأب المدمن، وهو ما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض النفسية المتعددة مثل الاكتئاب والقلق والتوتر الزائد عن الحد، والرهاب الإجتماعي والانفصام وغيرها من تلك الأمراض، وهذه من نتائج الإدمان الغير مباشرة أو بالأحرى بسبب الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة، لأن الاب في النهاية هو القدوة لهؤلاء الابناء وإذا غابت القدوة بتلك الطريقة، تعرض الاطفال إلى الصدمات النفسية المتعددة وهي أولى خطوات الأمراض النفسية الخطيرة
تابع الأبناء الضحية الأولى
تأثر الجوانب التعليمية والصحية للأبناء بالسلب: من النتائج السلبية الخطيرة في موضوع الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة، هو تعرض الأبناء إلى نتائج في غاية الخطورة على المستوى التعليمي والصحي على السواء
فمن ناحية المستوى التعليمي: يتعرض الأبناء الذين يتواجدون مع أب مدمن، وبيئة إدمانية غير نظيفة إلى تحصيل دراسي مذبذب، وذلك لعدة أسباب تتعلق بالحالة النفسية السيئة الذين يتعرضون إليها، او بسبب عدم ذهابهم إلى المدرسة متأثرين في بعض الحالات بالمشاكل الأسرية الناتجة عن إدمان الاب، أو في حالات أخرى، تعرض الأبناء أنفسهم إلى تعاطي المخدرات، وهو ما يبعدهم عن المدرسة والتحصيل الدراسي، هذا إلى جانب التشتت والتذبذب، وعدم التركيز الذي ولا شك يؤثر على التحصيل الدراسي
تابع الأبناء الضحية الأولى
أما من الناحية الصحية: وهي من نتائج الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة، الخطيرة للغاية، ففي الكثير من الحالات يتعرض الابناء إلى مشاكل صحية في غاية الخطورة بسبب تعرض الأبناء إلى الإدمان مما يؤثر عليهم مباشرة، أو تعرض الابناء إلى الأمراض النفسية المتعدد كما تحدثنا في النقطة السابقة، او تعرض الأبناء إلى مشاكل صحية نتيجة وجودهم في بيئة غير آمنة وغير صحية في المنزل، وهذا في الحالات التي يتواجد فيها أب مدمن في المنزل وليس خارجه.
– قلة الوازع الديني والأخلاقي للأبناء: بسبب تلك الأجواء غير الطبيعية التي يعيشها الأبناء في ظل تلك البيئة الغير آمنة، تقل بالضروري ويكاد ينعدم في بعض الحالات تربية الآباء على الوازع الديني والأخلاقي، وبالتالي تقل تلك النواحي الهامة والتي قد تشكل حماية ووقاية للأبناء في الوقوع في الزلل والخطأ ومن ضمنها طريق الإدمان
الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة.. الزوجة الضحية الثانية
يبنى كيان الأسرة على عنصرين في غاية الأهمية وهما الاب والأم، ففي حالة إدمان الأب، هذا يؤثر بشكل مباشر على الزوجة والأم، والتي ألقيت عليها مسئولية جسيمة في محاولة الحفاظ على كيان الاسرة من الانهيار، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لكن في كثير من الأحيان تتعرض الزوجة إلى عدة مخاطر على جميع المستويات بسبب إدمان الأب، وذلك بسبب أنها الطرف الثاني في العلاقة الأهم داخل الأسرة، أما عن مخاطر الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة، خاصة على الأم والزوجة تتمثل في الآتي
ازدياد المشاكل الأسرية والوصول إلى الطلاق والانفصال
الكثير من من الأسر التي يوجد بها أب مدمن على المخدرات تتعرض في النهاية إلى الإنهيار الكامل، وهذا الإنهيار يتمثل في الطلاق والانفصال، حيث يمثل إدمان الأب إزدياد المشاجرات اليومية بسبب عدم تحمل مسؤولية الأب تجاه المنزل و مسئوليات الأسرة المتعددة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى الانفصال المعنوي والحقيقي والمتمثل في الطلاق، وهذا ما نعتبره إنهيار كامل للأسرة، لأن مشكلات الطلاق ونتائجه كثيرة على الزوجة والأبناء
تابع الزوجة الضحية الثانية
تعرض الزوجة إلى العنف: من أبرز المشاكل والنتائج عن الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة، وعلى الزوجة، هو تعرضها إلى العنف الشديد، الذي يصل في بعض الأحيان إلى الأذى الشديد، حيث تناولت بعض الأخبار والدراسات المختلفة تعرض الزوجة إلى العنف الجنسي، والعنف البدني والعنف النفسي بسبب إدمان الأب، وذلك بسبب النتائج الخطيرة التي يتعرض إليها الأب عندما يتعاطى المخدرات ويدمنها، فإنها تغيب عقله وتدخله في حالة هياج في حالة فقدانها، حيث تتعرض الزوجة حينئذ إلى العنف والشتم والضرب وربما ما هو أكثر من ذلك بسبب حالة الهياج تلك.
تعرض الزوجة إلى الوقوع في الإدمان: هناك بعض الحالات الإدمانية، تظهر من خلالها ظهور حالات إدمانية بين الزوجات بسبب إدمان الأب، وذلك لأسباب متعددة من بينها محاولة التجربة الذاتية العادية التي تتحول بالتدريج إلى إدمان كامل، أو ما هو أخطر محاولة إجبارهن من قبل الأزواج للتجربة و التعاطي ومن ثم الإدمان، وهناك بعض التقارير تناولت تلك الحالات، وهي إدمان الزوجة مجبرة وذلك بسبب خوفها من العنف التي قد تتعرض إليه في حالة رفضها
تابع الزوجة الضحية الثانية
تعرض الزوجة إلى الأمراض النفسية والحالة الصحية المتردية: تتعرض الزوجة في تلك الأجواء غير الآمنة وغير الصحية، إلى بعض الأمراض العضوية والنفسية على السواء، فمن ضمن الأمراض النفسية التي قد تتعرض إليها الاكتئاب بأنواعه، أو الأمراض النفسية الناتجة عن العنف الأسري التي تتعرض له لفترات مستمرة، قد يكون على مدار سنوات من الزوج، وقد تتعرض إلى بعض الأمراض العضوية الاخرى بطريق غير مباشر جراء، تعاطي المخدرات، والعيش في تلك البيئة غير الصحية
الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة.. نصائح هامة لإنقاذ الأسرة
بعد ان تعرفنا على الأخطار الجسيمة بسبب إدمان الأب على كل من الأبناء والزوجة، علينا أن نقدم بعض النصائح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لعلها تكون دليلاً لبعض الأسر التي تعاني من هذه المشكلة الخطيرة، وفي النقاط التالية نقدم بعضها و تتعلق بالأساس في محاولة علاج الأب من الإدمان، وهي نصائح غير ثابتة، فهي تختلف حسب الظروف العائلية والاجتماعية والمجتمعية
– محاولة إقناع الأب، وتدخل الأهل والأصدقاء من أجل ذلك الأمر بالحديث معه، ومحاولة الاخذ بيده إلى المصحة العلاجية أو المستشفى، وتذكيره بمدى الخطر الداهم الذي يتعرض له وأبناءه وزوجته بسبب الإدمان، وغيرها من هذه الوسائل
– القضاء على جميع مظاهر إدمان الأب، مثل الأدوات التي يستخدمها في الإدمان، وتهيئة الأجواء من أجل بداية العلاج، ومحاولة مراقبة أفعاله في حالة قرار العلاج، والصبر عليه في تلك الحالة، إذا قرر العلاج بالفعل.
وهذه النصائح بلا شك تختلف كما سبق أن ذكرنا، إلا إنها صعبة في بعض الحالات الإدمانية الشديدة، التي تحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، من أجل العلاج والخروج من هذا النفق المظلم، ومن أجل إنقاذ الأسرة من الإنهيار
وفي نهاية هذا المقال، يجب أن ندرك أن الأب المدمن وخطورته على تماسك الأسرة، شئ لابد أن ننتبه له ولابد من تضافر الجهود المجتمعية من جميع المؤسسات الحكومية والمدنية والصحية والتعليمية والدينية من أجل إنقاذ الأسر من الإنهيار، وبالتالي إنقاذ المجتمع من براثن الإدمان، حيث أن الإدمان يستنزف جميع الجهود من أجل رقي الأمم والحضارات، لذلك لابد من القضاء عليه، ومكافحته من الجميع